الأمير محمد بن فهد بن جلوي آل سعود محافظ الأحساء السابق رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
في مثل هذا اليوم من كل عام نستعيد ذكرى مناسبة من أهم وأعظم المناسبات في تاريخ الجزيرة العربية نستلهم منها آثار الثبات على الحق والإصرار على تحقيقه والصبر على ما يعترض طريق الدعوة إلى توحيد الله قولاً وعملاً وتوحيد عباد الله في الصف الواحد كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا عقيدة وجهادا وتضحيات جسام يعجز عن تصورها الخيال ولقد اتبع جلالة المغفور له بإذن الله مؤسس هذه الدولة نهج الرسالة السماوية كتاب الله وسنة رسوله المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك وتحمل في سبيل ذلك من المشتاق والمصاعب ما يتحمله المصلحون العظام وجابه بشجاعة المؤمن كل ما يعترض طريق الجهاد فوحد الكلمة وجمع الشمل وشيد صرحاً كان محطما ومقسما وأمن سبيلاً كانت خائفة وكفل حقوقا كانت منتهبة ونصب الحق والعدالة الإسلامية الحقة ودانت البلاد لأول مرة بالطاعة ونعمت بالأمن والأمان وبدأ جلالته في التعمير فأنشأ المدارس والمستشفيات والمساجد وشيد الطرق فعم الرخاء والاستقرار وما ذلك إلا ارهاصات لما من الله به على الأمة من إستخراج خزائن الأرض فكان ذلك تتويجاً لأعمال وتضحيات ومخاطرات لم يبتغي منها فقيد العروبة والإسلام سوى وجه الله الذي كان يدعوه قائماً وقاعداً ويستمد منه العون والصبر على الشدائد والمحن حتى وفقه الله إلى ما أراده له وأراده منه ولم يغتر عبدالعزيز موحد الجزيرة وبانيها بزخارف الحياة ومتعها بل إستمر على إستقامته على طاعته لربه راكعاً ساجداً متهجداً يقسم ليله بين القراءة والصلاة ونهاره بين أداء شعائر الدين وخدمة المواطنين بكل ما أوتي قلبه الكبير العامر بالإيمان من طاقة وإخلاص بلغ به إلى أن يضمن أدعيته وتوسلاته إلى الله العلي القدير أن يعينه على تحقيق وتجديد وتعميم العقيدة الإسلامية وأن يبقيه ما دام للإسلام من بقائه خير أو يقبضه إن كان عليه منه شر أو سوء فإستجاب له ربه وأعطاه سؤاله فكانت هذه الدولة الفتية التي نحتفي ونحتفل في هذا اليوم العظيم بذكرى يومها الوطني الذي لو كان في الإسلام غير العيدين الشريفين لأتخذناه عيداً ولو أن في الإسلام ما يبيح إقامة النصب التذكارية أو التماثيل لحق لنا أن نقيم لهذا الرجل العظيم تمثالاً في كل مدينة بل في كل طريق بل في كل صحراء التي مهد سبلها وأمن خائفها ولكن تمثاله مرتسماً في كل قلب مخلص واعي عرف ماضي الجزيرة وعاش حاضرها وقارن الفرق الكبير الذي بذل من أجله الملك عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن كل مظلوم أنصف وكل خائف أمن وكل فقيرا إستغنى وكل جاهل تعلم وكل خير وصل إلى ذي حاجة على يديه أو بسببه إننا مدينون بل التاريخ كله مدين للتضحيات والبطولات والملاحم التي حقق بها عبدالعزيز هذه المعجزة الكبرى التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ عاى الإطلاق بتوحيد المملكة العربية السعودية وتأمينها ورقيها إن قليلاً من الناس يعرفون حقيقة ما كانت عليه الجزيرة العربية وكثيرون يجهلون ما يتعرض له الناس من النهب والسلب من العصاة وقطاع الطرق وما يقاسيه حجاج بيت الله الحرام في أقدس بقاع الأرض من أمثال هذه الفظائع البشعة التي تبلغ في بعض الأحيان مشاركة السلطات الإقليمية فيها في الوقت الذي يفترض فيهم محاربة مرتكبيها فكم حالة استغل فيها حاج وقتل خارج المدن وداخلها وكم مرة أشهر السلاح عليهم وأستصفيت أموالهم والمحظوظ منهم من سلم بروحه ولا تأتي هذه الأعمال من الصعاليك والمرتزقة بل أحياناً كثيرة ممن أوكل اليهم أمانة حمايتهم وسلامتهم واليوم والحمد لله تبذل الأموال الطائلة في سبيل راحتهم وسلامتهم وتقدم لهم الخدمات الصحية والسكنية فيعيشون في الجو الروحاني الذي يناسب قداسة الزمان والمكان الذي يتعبدون فيه بعد أن أعان الله من قام بنصر دينه وإعلاء كلمته توكيداً وتثبيتاً لقوله جل شأنه (لينصرن الله من ينصره) وقوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) نسأل الله أن يثبت القائمين من بعده من خلفائه السائرين على نهجه المتبعين لشريعة رب العالمين وأن يسدد خطاهم ويأخذ بأيديهم لإكمال مسيرته ورفع راية التوحيد والعدل التي أقامها ديننا الحنيف طريقاً للسعادة في الدارين ويقينا يقينا أننا إذا ما تمسكنا بهذه الدعوة فإن الله سيحقق لنا وعده بالنصر والتمكين ودحر أعداء الدين في كل مكان وإسكات كل الأصوات الداعية إلى هدمه الساعية إلى خرابه وسيحقق الله جلت قدرته للأمة الإسلامية بقيادة الأب القائد الرائد تحرير أراضي الإسلام انه على كل شيء قدير.
كلمة أخيرة أريد أن أتحف بها من يجهل المبدأ الذي اختطته الدولة منذ تأسيسها في تأمين العلاج والتعليم المجاني وصرف إعانات للمحتاجين توزع عليهم في بلدانهم وكانت الدولة آنذاك في أشد الحاجة للمال حيث لا موارد ثابتة تسد إحتياجات ما يقدم للمواطنين من خدمات مجانية وكانت الموازنة تسد عجزها بالقروض لتغطية تلك الخدمات أقول هذا ليعلم من يظن أن ما يقدم من تعليم مجاني وأحياناً إعانات للمتعلمين وتطبيب مجاني وضمان إجتماعي ومساعدات للمشاريع انما جاءت وليدة الثروة التي أنعم الله بها على البلاد فوسعت من تلك الخدمات وعمقتها ولكنها لم توجدها لأنها موجودة أصلاً ونابعة من تعاليم الإسلام التي أنعم الله على هذه البلاد وحكامها وأهلها بإتباعها والتميز بتطبيق أحكامها دون سائر البلادوالعباد حتى البلاد الإسلامية التي بدأت ولله الحمد والمنة تراجع سياستها وتحاول الرجوع إلى الله في أحكامها وتشريعاتها وفي هذا ما يبشر المسلمين بالنجاة من الهلكة التي أوقعتها فيها القاليد والمؤثرات الأجنبية
ختاما أرفع التهاني لجلالة الملك فهد المعظم وصاحب السمو الملكي نائب رئيس مجلس الوزراء وولي العهد سمو الأمير عبدالله وصاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الأمير سلطان وأهنيء مواطني بهذه الذكرى السعيدة والمناسبة الفريدة سائلاً المولى جل وعلا أن يعيدها علينا وقد تحققت آمال الأمة الإسلامية والحرية ودحر الظلم وكسر شوكة الظالمين والنصر المؤزر للإسلام وأهله.
Comments are closed.